نهاية البحث المفتوح: مخاوفي حول مستقبل الذكاء الأصطناعي

منذ صغري، كان عندي شغف بمعرفة الأشياء؛ أكثر من الحد الطبيعي۔ مثلاً، لو أريتني شيئاً، فكرة أو أداة تثير اهتمامي، فتأكد أنني سأقضي الساعات أو الأيام القادمة في استكشافها۔

في سنوات مراهقتي المبكرة، تعرفت على شيء يُسمى الإنترنت۔ كان شيئاً رائعاً جداً يحتوي إجابة لكل أسئلتي، ووفر لفضولي معلومات كثيرة لأستكشف۔

ثم جاء شيء يُسمى الذكاء الاصطناعي، والذي جعلني أشعر حرفياً وكأنني نبتت لي أجنحة، فأصبحت كل المعلومات على الإنترنت على بُعد استفسار واحد۔ صحيح أنه قد يكون مملاً أحياناً، لكنه كان رفيقاً جيداً حتى الآن۔

مهما كان الوضع، الفضول الذي دفعني لتعلم كل ما أعرفه الآن يواجه تهديداً متناقضاً، تهديداً وُلد من نفس الأدوات التي تمكّنه لمعرفة كل شيء: الرقابة۔

مع تطور الذكاء الاصطناعي، وصرف الشركات العملاقة مليارات عليه فجأة، بدأت أشعر بالخوف على مستقبله۔ صرت متشككاً۔

ولأن الدراسات الأخيرة تشير إلى أن المحتوى المُنتج بالذكاء الاصطناعي يشكل 15٪ إلى 20٪ من المواد الجديدة على الويب الآن، وتقترح أن هذا قد يصل إلى 90٪ خلال عقد واحد، كل ما أراه هو مستقبل حيث، بدلاً من المعلومات القابلة للتحقق مع المراجع والمصادر، سيكون لدينا محتوى مُنتج بالروبوتات في كل مكان على الإنترنت۔

أرى مستقبلاً حيث الشركات التي تملك هذه الروبوتات ستقرر ما هو الحق وما نوع المعلومات التي نستهلكها؛ مستقبلاً حيث الروبوتات ستكون المصادر الرئيسية لمعلوماتنا۔ ومع إمكانية رقابة هذه الروبوتات بشدة والتحكم بها بسهولة، أرى معلومات العالم في أيدي شركات۔

أرى مستقبلاً حيث، بدلاً من الاستشهاد برابط لخبير، سنستشهد فقط بردّ أو محادثة من روبوت كدليل أو مصدر لمعلوماتنا۔ أرى مستقبلاً حيث دوافع الربح تهيمن، وتدفن آراء وجهات النظر الآخرين۔

أرى موت البحث الحر والمفتوح، وحلول البحث المُراقب محله۔

ملاحظة: لست ضد التقدم التكنولوجي، بل على العكس لا شيء يفرحني أكثر منه۔ إن رأيتني أتحدث عن المؤتمرات التقنية والابتكارات الجديدة فستعرف ماذا يعنيني الموضوع۔ ولكن عندما تحب شيئاً بصدق يقلقك ويجعلك تراقب كل خطوة فيه بشك وإعجاب في آن واحد۔ وهذا هو جوهر هذهِ المدوّنة۔

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Scroll to Top